الأربعاء، يوليو 20، 2011

الثقة بالنفس عند النساء




من موقع شبكة الألوكة
الاخت سلوى السلمي

هُناك نِسَاء فقَدْن الثقة في أنفُسِهن، ووجوهُهُن تَبدُو شاحِبَةَ المَلامِح، تائِهة الخُطَى أمَام الطَّرِيق، وفَتَيات تُرسَمُ على وجوههن خُطوط باهِتَة، مُحددة بلَون الرَّماد الألِيم، وسيّدات مَشاعِرهُن تَبدُو كسَحابة ضَبَابِيَّة مَخفِيَّة خَلفَ كُثبان الانزواءِ والصَّمت، وبعضهن تتوارى خَلفَ جُدران وأسراب وِشاحِ الماضِي؛ من شَّدة فقد الثِقة بالنفس!
فاعلمي يا أختي، أنَّ الثقة بالنفس نوعٌ من تحقيق الرضاء للنَّفس والنجاح، والحصول على ما تريده النفس البشريَّة مِن أهداف، والثِّقة بوجود الأسباب التي أعطاها الله للبشَر، فهذه ثقةٌ هادفة، وينبغي أن تتربَّي عليها؛ لِتُصبحي قويَّة الهمة والشخصية.
وكثيرٌ من الفُرَص الثمينة والطَّاقات أُهْدِرت وضاعت؛ بسبب عدم إدراك السيِّدات لما يتمتَّعْن به من قدرات وإمكانات أنعم الله بها عليهنَّ، لو استغلَلْنَها خير استغلال لاستطَعْنَ أن ينجحنَ في الحياة.
فاعلمي - أختي الباحثة عن الثقة بالنّفس - أنَّ منبع الثقات كلها هو الثقة بالله - سبحانه وتعالى - فالثِّقة بالله هي الأساس الحقيقيُّ الذي يَنْبني عليه ثقتُكِ في نفسكِ, والثِّقة بالله هي حِبال كلِّ ثقة، وخير ذلك؛ لأنَّ الخير كله بيد الله، فالثِّقة بالله تُفجِّر كلَّ ثقة في النَّفس، وكل ثقة في المستقبل في نفسكِ ومن حولكِ.
واعلمي أنَّ ثقتكِ بنفسك هي جسر العبور على سُلَّمَيِ النجاح في الدُّنيا والآخرة؛ لأنَّكِ كلما ازددتِ ثقة في نفسكِ استطعتِ أن تُحدِّدي مبادِئكِ وأهدافكِ في الحياة، وتواجهي أيَّ عقبات تواجهكِ، فالثقة بِنَفسكِ حِفنةٌ من الضوء الدَّاخلي الذي يتطاير منكِ وإن عمَّ الليل سواده، وهي الحِبال والمحرِّك والدَّافع لكِ في كلِّ تصرفاتكِ، كما أنَّ الثقة بالنفس هي السبيل للتوازن الطبيعي الذي يجعل منكِ مميزة مؤمنة، متفوِّقة هادئةَ التفكير، غير مندفعة في حُكْمكِ على الأمور، تشعرين بقيمة الحياة، وسوف تَكُونين حقًّا نموذجًا رائعًا يحتذي به, فازرعي في نفسك الثِّقة بالنفس؛ لتحقِّقي أفضل النتائج، وتأمَّلي قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ((استَعِن بالله ولا تعجز))، فالعجز ضد الثِّقة، وتأمَّلي قول يوسف - عليه السَّلام - وهو يقول بكلِّ ثقة: ﴿ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 55].
أُختي التائِهة، لا شكَّ أن ما تشعرين به تُجاه نفسكِ يكون له أثَرٌ عميق في تَقْييم الناس لك، ونظرتهم إليكِ؛ فإذا كنتِ بداخلكِ لا تَشْعرين بالثِّقة، وكانت تصرُّفاتُكِ توحي بذلك الشُّعور فلا تتوقَّعي من الناس أن ينظروا إليك نظرةَ الواثقة، واعلَمِي أن ثقتكِ تبدأ من داخلكِ.
وهناك أسبابٌ كثيرة تجعل كل فتاة أو امرأة تشعر بفقد الثِّقة، منها:
تَهْويل الأمور والمواقف، بحيث يَشْعُرن بأنَّ من حولهنَّ يركِّزون على ضعفهن.
الخوف والقلق من أن يَصْدر منهن تصرُّف مُخالِف للعادة؛ حتَّى لا يُواجِههنَّ الآخرون باللَّوم.
الإحساس بالضَّعف أمام الآخرين.
الآن سوف أضع بين يديكِ ومشاعرك - أختي التائهة - وداخل وجدانكِ قَطَراتٍ متساقِطةً شَهدًا مِنْ مَعِينِ كَفٍّ لا يَنْضَب مِنَ النصائح والحُلول؛ حتى تستطيعي الإِمْسَاك بِحِفْنَة ضَوْء، فعليكِ اتِّباع ما يلي:
1 - يجب أن تُقْنعي نفسكِ - أختي - مع الترديد - أنَّك إنسانة قويَّة، ويجب أن تتعرَّفي على قدراتكِ الكامنة في نفسكِ، وأنكِ تملكِين ثقة عالية، وعليكِ استغلالها.
2 - أن تتوقَّفي عن احتقار نفسكِ والتكرير عليها ببعض الألفاظ التي تدمِّر شخصيتَكِ.
3 - أن تَقْتنعي اقتناعًا كاملاً بأنكِ حقًّا شخصية رائعة، وفعَّالة في المجتمع؛ فإنْ أنشَأْتِ أفكارًا سلبيَّة في العقل الداخلي، أصبحتِ إنسانة مزعزَعة، وإن أنشأتِ أفكارًا إيجابيَّة فستصبحين حقًّا شخصيَّة مرِنَة.
4 - يجب أن تُدرِّبي نفسكِ على حبِّ شخصيتكِ كما هي، ولا تنتقصي منها.
5 - عدم التفكير فيما مضى، ولا تتذكَّري أحداثًا حزينة انتهت، وطُوِيَت عبر مرِّ السنين.
6 - لا تُقارني بين نفسك وبين غيركِ، مهما كانت الظروف؛ لأنَّ ذلك يدمِّر كل تفكيرك.
7 - استفيدي من مهاراتكِ وهواياتكِ والطاقات المُهْدَرة لديكِ.
8 - كوني إنسانةً هادفة، ولك أعمال مختلفة، وإبداعات وأنشطة واضحة.
9 - ابتعدي عن الإحباط بذكر الله دائمًا، والتَمِسي منه الثقة والأمان.
10 - أقْنِعي نفسكِ بالثقة والعمل؛ فلم نُخْلَق عبَثًا، بل لعبادة الله، وعمارة الأرض، وذلك يتطلَّب الثقة بالنفس وتسخير القدرات.
11 - لا تتنازلي عن رأيك إذا كنتِ على صواب، وحاولي فيمن حولكِ بأسلوب الإقناع المميز.
12 - لا تَنْزعجي من نَقْدِ الآخرين لك؛ فمُجرَّد نقْدِهم لكِ دليلٌ على أهمية عملكِ؛ فسِيري إلى الأمام دائمًا.
13 - تجربة الطَّريق الصعب المَحفوف بالمصاعب بعض الأحيان ضروري؛ لتكسري الحاجز النَّفسي الذي يحول بينكِ وبين تجربة الطرق غير التقليديَّة، وحتى لا تحجزي نفسكِ ضمن دائرة ضيِّقة.
14 - لا تُظْهري ضعفكِ أمام الناس، تصرَّفي كما لو كنتِ أكثر ثقة مما أنتِ عليه في الواقع، ولا تجعلي النَّاس يَشْعرون بما تشعرين به من الاضطراب والقلَق؛ حتَّى لا ينظر الناسُ إليكِ على أنكِ ضعيفة، كما أنَّ تظاهُرَكِ بالثقة سيمنحكِ فرصة لأنْ تصبح جزءًا من شخصيتكِ.
فها هو رسول الله محمَّد، الرسول الأعظم - صلَّى الله عليه وسلَّم - أكبر قدوةٍ لنا، بكلِّ ثقةٍ يخرج إلى العالَم، ويَنشر الإسلام وهو الرسول الأُمِّي، وظل يُناضل عن رسالته، ويُجاهد في تحقيق أهدافه، ولَم يهتف به الموت حتَّى قلَب حِبال ولُغَة التاريخ، وغيَّر معالِمَ القِيَم في حياة تلك المُجتمعات التي خاض التَّجربة فيهم.
وأخـيرًا؛ اجمَعي شَتلات من الوَرد، واغرِسي فِي أروِقَتِها مِنْ نفحاتِ الثقة بِخُطى ملكِيَّة، وتَفَنَّني فِي إعادة بِناء شخصِيتكِ، واخلُقي مِن شُحُوب لون وَجهكِ شُمُوعًا مخملِيَّة، وتَوَسَّدي فراشاتِ النُّور والثِّقة بالنفس بِعَصاكِ السِّحرِيَّة.
هُنا وصلنا إلى النهاية؛ فَكُونوا بِالقُربِ حَيثُ حِفْنَةُ ضَوْء، وَإسْدال السِّتار عن رَكْب الانتِماء؛ ولتكُنَّ فَوقَ بِسَاطِ الارتِحال والانْضِمام، ودُمتُنَّ بخير، وإلى لِقاء آخر.

الثلاثاء، يوليو 19، 2011

لا بديل عن القراءة





د. محمد بن عبدالله الدويش
مجلة البيان


تمثل القراءة عاملاً مهمّاً في بناء الشخصية ؛ فهي من أهم أدوات تحصيل العلم الشرعي ووسائله ، بل لا غنى لطالب العلم عنها ؛ إذ بها يعرف أهلَ العلم وسيَرهم وأخبارهم ، ويتعرف مصادره ، وتصنيفه وتبويبه .

كما أنها أداة لبناء الفرد في تخصصه واستيعابه لمجالاته ومهاراته .
وهي - علاوة على ذلك - تنمِّي خبرات القارئ ومهاراته ؛ حتى خارج حدود ما يقرأ ؛ فالقارئ المطَّلع أوسع أفقاً وأنضج في التعامل مع مواقف الحياة الفردية والأسرية والاجتماعية ، وأقدر على حل مشكلاته وتنظيم أفكاره .
وهي تنمِّي لغته ؛ فالقارئ أقدر على الفهم السليم ، والتعبير المستقيم من غيره .
وهي من أنفع ما يُقضى به الفراغ حين يَحسُن الاختيار .
والمتأمِّل في واقع الناشئة ، وطلبة الجامعات ، بل في واقع كثير من المنتسبين للعلم الشرعي يرى أن القراءة لم تأخذ حقها الكافي من الاهتمام ؛ فكثير منهم يستثقل تحمُّل أعباء القراءة ويخلد إلى الكسل والراحة ، أو يميل إلى النشاطات السلبية : كالاستماع ومشاهدة القنوات الفضائية ، أو التجول عبر صفحات الإنترنت ، ولعل واقع سوق النشر خير شاهد على ما تعانيه القراءة من ضمور ومزاحمة .
ومهما كانت جدية المواد التي يتعرض لها المتابع للبرامج الإعلامية ، والمتصفح لشبكة الإنترنت ؛ فهي تفتقر - في الأغلب - إلى العمق والرصانة ، كما أن المتلقي لا يملك التركيز الكافي والتفاعل مع ما يسمع ويشاهد أو يتصفح ؛ ناهيك عن قصورها كبديل لتحقيق وظائف القراءة ؛ والجادون في بناء مجتمعاتهم يسعون إلى توجيه الواقع ما أمكن بدلاً من الاكتفاء بالتكيف معه .
إن حجم التحديات التي يعانيها الجيل القادم يجعل الواقع الحالي بحاجة إلى التغيير الجوهري ، ويتطلب تعزيزاً أكبر لأدوات بناء الشخصية ؛ فكيف إذا كانت أهم أدوات البناء الشخصي ( القراءة ) تعاني من نكسة وتراجع ؟ ورغم أهمية التوظيف الفاعل للتقنية ، واستثمار المصادر التي تحظى بإقبال الجيل الجديد ، إلا أنه لا بديل عنالتفكير الجاد في تنشئة الجيل القارئ ، وإعادة الاعتبار للقراءة .
ومن أول ما يحقق ذلك أن يكون المربُّون قدوة في القراءة ، وأن يوظفوا ما يقرؤونه في التحفيز المباشر وغير المباشر لطلابهم على القراءة ؛ وإلا ففاقد الشيء لا يعطيه .
كما أنه مما يعزز تنشئة الجيل القارئ الاعتناء بإنتاج مواد ناضجة وشيِّقة ومبسطة للطفل والشاب والفتاة ، وتفعيل البرامج المحفِّزة .
كما يجدر بالمهتمين بالشأن الإعلامي توظيف البرامج الإعلامية في تعزيز القراءة بدلاً من أن يتحول الإعلام إلى منافس يحتل مساحة أكبر من اهتمام الجمهور على حساب القراءة ، وبقدر ما تملك البرامج الإعلامية من إثارة وجاذبية ؛ فإنه من الممكن توظيف ذلك كله في استثارة همة الجيل نحو القراءة .