الخميس، أكتوبر 09، 2014

عقلية الندرة و عقلية الوفرة

تأملت اليوم في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) صدق الله العظيم فوجدت فيه معنى عظيماً يوافق آخر ما توصلت إليه علوم الإدارة والأعمال.

مفهوم (التفسح) هنا أي إتاحة المجال للآخرين ليأخذوا مكانهم ويساهموا كغيرهم يتجاوز المجالس إلى كل شؤون الحياة وهو يقلب العلاقات بين الأفراد والمجموعات رأساً على عقب، فبدلاً من النظرة المقيدة التي تجعلني أنظر إلى الآخر على أنه سيأخذ مكاني ويضايقني وبالتالي علي ألا أفسح له مجالاً، يدعونا القرآن إلى نظرة أخرى تحررنا وتجعلنا نعتقد أن المكان ذاته سيصبح أكثر سعة إذا أتحنا المجال للآخرين (يفسح الله لكم)، وهو ذاته الفرق بين (عقلية الندرة scarcity mentality) القائمة على التنافس الهدام و(عقلية الوفرة abandon mentality) القائمة على التعاون الذي يفتح للمتعاونين فرصاً لم يحلموا بها لولا تعاونهم، في مجال الأعمال حققت كبرى الشركات العالمية اختراقات وضاعفت أرباحها عندما بدأت تفكر بهذه الطريقة وأوجدت صيغاً للتعاون والتكامل فيما بينها بدل التنافس الذي قد يخسر فيه الجميع،

في الثورة اليوم هناك الكثير من الهيئات والمجموعات التي تعمل في المجال نفسه فتفسحوا يا إخوتي .. تفسحوا يفسح الله لكم .. واقلبوا التنافس المذموم إلى تعاون محمود يجني الجميع ثماره اليانعة .

د. ياسر تيسير العيتي