الأربعاء، يناير 28، 2015

إختلاف ألوان البشر والميلانين.

إختلاف ألوان البشر والميلانين.
مقال الدكتور محمد راتب النابلسي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أين تقع الخلايا العنكبوتية, وكم عددها , ما اسم الخلية التي تنجم عنها اختلاف اللون ؟
يقول الله عزَّ وجل في قرآنه الكريم:
﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ﴾
[سورة الروم الآية: 22]
نقف وقفةً سريعة عند قوله تعالى:
﴿وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ﴾
[سورة الروم الآية: 22]

اختلاف كثافة الميلانين يشكل ألوان البشر

يقول العلماء أيها الأخوة: إن في أدمة الجلد خلايا عنكبوتية, وهي على شكل العنكبوت تمتد على جوانبها زوائد رقيقة، يصل عدد هذه الخلايا في كلِّ بوصةٍ مربعةٍ إلى ستين ألف خلية, ولا اختلاف في عدد الخلايا بين أبيض وأسود, إن عدد الخلايا في الإنسان الأبيض والإنسان الملون عددٌ ثابت، ولكن اختلاف اللون ينجم عن اختلاف في كثافة المادة الملونة التي تسمى الميلانين .
أيها الأخوة الأكارم, لا يوجد فرق في هذه المادة الملونة بين إنسانٍ فاقع اللون وإنسانٍ داكن اللون إلا بما لا يزيد عن واحد غرام, وأن هذه الخلايا تتناقص بمعدَّل عشر إلى عشرين في المئة كل عشر سنوات, لذلك يميل جلدُّ الإنسان مع تقدُّم العمر إلى أن يصبح أكثر نصاعةً .
ما علة هذا الاختلاف ؟
أيها الأخوة, الذي يعنينا حقاً أن ترسُّب هذه المادة الملونة في الخلايا العنكبوتية التي تحت أدمة الجلد, والتي يزيد عددها في البوصة المربعة الواحدة على ستين ألفاً، أي أن نسبة هذه المادة الملوِّنة تحددها المورثات في نوية الخلية, ولكن ما هي العلاقة، وما هو تفسير أن الشعوب التي تعيش في خط الاستواء ألوانها داكنة، وأن الشعوب التي تعيش في قطب الكرة الشمالي أو الجنوبي ألوانها فاقعة؟ هنا تتجلى حكمة الله عزَّ وجل .

البشرة البيضاء أكثر تضررا من البشرة السوداء من أشعة الشمس

قيل: إن من خصائص المادة الداكنة تمتصُّ الأشعة فوق البنفسجية الضارة, وأشعة الشمس في خطِّ الاستواء عموديةٌ وشديدةٌ وذات تأثيرٍ كبير، لذلك تأتي هذه المادة الكثيفة في الجلد لتمتصَّ الأشعة فوق البنفسجية، وتضعف أثرها السيِّء على جسم الإنسان, وهذه هي حكمة زيادة هذه المادة الملونة عند ساكني خط الاستواء مما يجعل جلدهم داكن اللون, بينما عند ساكني المناطق الباردة تقل كميتها في الأرض، فتبدوا ألوانهم فاقعة أو فاتحة .
ما هو المقياس الذي يعتمد عليه الإسلام في تقييم الأشخاص ؟
أيها الأخوة الأكارم, تعالوا إلى هذه الآية الكريمة:
﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ﴾
[سورة الروم الآية: 22]
اختلاف ألوان البشر أيةٌ دالةٌ على عظمة الله  وينبغي أن ندقق فيها
إن اختلاف ألوان البشر أيةٌ دالةٌ على عظمة الله عزَّ وجل، وينبغي أن ندقق فيها، وأن نقف عندها، وأن نبحث عن السر الذي تنطوي عليه, إنك إن نظرت بعينك إلى وجوه الناس، لا ترى إنساناً له لونٌ كلون الآخرين, إنك لو صوَّرتهم بآلةٍ لوجدت اللون موحداً تقريباً، بينما إذا نظرت بعينك إليهم، لرأيت لكلَّ إنسانٍ بلونٍ خاص, بل إن العين البشرية كما تعرفون، تفرِّق بين ثمانمئة ألف لونٍ أخضر, إذن دقة العين تفرِّق بين دقة الدرجات في التلوين, يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف:
((أَلا لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ, وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ, وَلا لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ, وَلا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلا بِالتَّقْوَى))
[أخرجه أحمد في سننه]
إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ
و في رواية أيضاً:
((إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ))
[أخرجه الترمذي في سننه]
البيت مال، المركبة مال، الثياب مال, قال أحد الصحابة رضي الله عنهم لسيدنا بلال يعيره بسواده، يا ابن السوداء، فغضب عليه الصلاة والسلام، وقال:
((إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ))
[أخرجه مسلم في الصحيح]
فلم يرضَ هذا الصحابي الجليل إلا أن يضع خده على الأرض ليطأه بلال بقدمه, ولما جاء سيدنا الصديق رضي الله عنه، ليشتري بلالاً من سيده، قال سيده صفوان بن أمية:
((والله لو دفعت به درهماً واحداً لبعتكه, فقال أبو بكرٍ رضي الله عنه: والله لو طلبت مئة ألف درهمٍ لأعطيتكها, فلما أخذه، وضع يده تحت إبطه، وقال: هذا أخي حقاً))
وكان أصحاب رسول الله، إذا ذكروا سيدنا الصديق، قالوا:
((هو سيدنا، وأعتق سيدنا))
يعنون به بلالاً, إذن فالإسلام سوَّى بين البشر .
والحمد لله رب العالمين

الخميس، يناير 15، 2015

العقوق الصامت

! للكاتبة مها نور الهي

يؤلمني جدا منظر أم تجاوزت الستين وهي تعكف على خدمة ابنتها العشرينية موفورة الصحة و العافية!

يؤلمني جدا أن أرى أباً تجاوز الستين يحمل ما يحمل من آلام المفاصل و الظهر يخدم ابنه الشاب الثلاثيني الذي لا يفتأ يزمجر و يطالب بحقوقه وبتوفير ما يريحه عندما يدخل إلى منزله!

و يصدمني وضع ابنة شابة تقول إن قضيتها الكبرى هي حقوق المرأة و رفع الظلم عن النساء الضعيفات المقهورات بينما تجعل هذه الشابة والدتها تخدمها في كل صغيرة و كبيرة تتعلق بها و بأولادها…طبعا تلك الناشطة النسائية ليس لديها وقت لتربية أولادها وخدمتهم لأن لديها قضية أكبر ألا وهي طموحاتها وقضاياها العظيمة! و طالما أن هناك “خادمة” مجانية لها و لأولادها…خادمة يمكنها ان تثق فيها ثقة عمياء، فلمَ تجهد نفسها و تهتم ببيتها و أطفالها؟

للأسف…كل ما ذكرته في الأعلى ما هو إلا مشاهدات من الواقع….شابات و شباب في منتهى الأنانية…لديهم طاقة للعمل …للصراخ…للدفاع عن الآخرين…للمطالبة بحقوقهم…لكن ليس لديهم أي طاقة لأداء أبسط واجباتهم الأسرية نحو بيوتهم أو أبنائهم …و بكل أنانية و وقاحة يستغلون حب الأم أو الأب الغريزي لخدمتهم بالرغم ما قد يعانيه الآباء و الأمهات من تعب و وهن ومرض بحكم كبر السن!

لا أدري كيف يفكر هؤلاء و بماذا يشعرون و هم يستغلون آباءهم وأمهاتهم بهذا الشكل المؤلم!

إن العقوق ليس صراخا أو شتما أو رفع صوت على الأم أو الأب، بل له صور أخرى صامتة قد تكون أكثر إيلاما من صور العقوق الصريحة!

لقد نشأتُ و تربيت على يد أمي الدكتورة حنان عبد الجبار حفظها الله _و قد كانت قبل التقاعد امرأة عاملة ذات منصب و مسؤولية_ و لا أذكر أبدا أن جدتي رحمها الله أتت إلى بيتنا لتخدم أمي! لا أذكر أن “ستي” رحمة الله عليها أرسلت لنا وجبة غداء لأن أمي كانت في عملها! لقد كنتُ أنا و إخوتي وأبي نعود من المدرسة والعمل ونجد ماما في حُلة نظيفة ومرتبة وقد أعدت لنا طعام الغداء تعلو وجهها الابتسامة و تسود روحها المرح…و بعد الغداء كانت تلعب معنا و تذاكر لنا و تناقشنا و تحاورنا…و لم أذكر أنها أهملتنا أو جعلت جدتي تخدمنا لمجرد أنها “دكتورة” و رئيسة قسم و مشغولة! و أنا اليوم أدرك الجهد الهائل الذي كانت تقوم به في شبابها و أدرك أن الكثير من الأمهات كنَّ مثلها…ذاك جيل من الأمهات العاملات و غير العاملات اللواتي أفنين شبابهن و صحتهن في سبيل أزواجهن و أسرهن بالإضافة إلى مسؤولياتهن و انجازاتهن خارج البيت…لذلك فإن من أبسط حقوقهن اليوم أن يرين ثمرة جهودهن التي قمن بها لسنوات طويلة…حان الوقت لأن يرتحن…حان الوقت لكي يلمسن ثمرة تضحياتهن…و أبسط بل و أقل ما يمكن أن نقدمه لهن هو الاحترام و الخدمة، لا جعلهن خادمات لنا أو لأبناءنا!

إن كل حقوق المرأة التي ننادي بها تتضاءل، بل لا يعد لها قيمة إذا لم نعرف كيف نحترم أمهاتنا و نقدرهن حق التقدير! إن المرأة التي تنادي بأن الطبخ ليس من واجبات المرأة، عليها أن تتذكر أن والدتها التي تطبخ لها و لأبناءها هي أيضا امرأة…و لا أظن أن مفهوم حقوق المرأة يشمل الشابات فقط و لا يشمل الأمهات!

من البر بأمهاتنا أن لا نستغل عاطفتهن و غريزة الأمومة لديهن في خدمتنا!

من البر بأمهاتنا أن لا نخبرهن بكل صغيرة وكبيرة تكدر خواطرنا…لأن تلك الصغائر ما هي إلا هموم تتراكم في قلوب الأمهات المحبات مسببة لهن من القلق و الألم النفسي و الجسدي ما لا يمكن أن يتصوره الشباب و الشابات!

إن نفس الأم و كذلك الأب عند كبرهم تصبح نفساً رقيقة في غاية الحساسية، تجرحها كلمة و تؤلمها لفتة…و أشد ما يؤلمها هو رؤية أحد الأبناء في مشاكل و تعب…هناك مشاكل يمكننا حلها بأنفسنا…هناك ثرثرة و شكوى فارغة نستطيع أن نبقيها لأنفسنا أو لأصدقاءنا …بِراً بأمهاتنا وآباءنا!

لنسعدهما كما أسعدونا ونحن صغار!

لنريحهما كما خدمونا وتحملونا في طفولتنا المزعجة ومراهقتنا الثائرة!

لنضغط على أنفسنا قليلا من أجلهما كما ضغطوا على أنفسهم كثيرا و حرموا أنفسهم من متع عديدة لكي لا تربينا خادمة أو لكي لا نبقى وحدنا في البيت!

لنساعدهما على استيعاب جمال التضحيات التي قدموها من أجلنا!

لنكن ناضجين في تعاملنا مع مشاكلنا…ناضجين و مسؤولين في السعي وراء طموحاتنا!

أعمالنا و أبناؤنا مسؤوليتنا و ليسوا مسؤولية أمهاتنا وآباءنا! لقد تعبوا بما يكفي في شبابهم و أدوا كامل واجباتهم ومسؤولياتهم…و آن لهم أن يستريحوا و يعيشوا في هدوء واسترخاء!

الأم الستينية اليوم في مرحلة تُخدَم فيها و لا تَخدِم! إن الأب الستيني أو السبعيني اليوم في مرحلة قطف الثمار، لا زرع البذور وسقايتها!

ولابد أن نتذكر دائما أن آيات البر بالوالدين جاءت عامة ثم مخصصة للوالدين عند كبر سنهما لما يحدث لهما من ضعف و تغيرات نفسية و جسدية لا يمكن أن يستوعبها الشباب غالبا، لذلك جاء التذكير “إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف و لا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً”

رزقني الله و إياكم بر والدينا لأننا بدون برهما لا نساوي شيئا وكل انجازاتنا ما هي إلا هباء منثورا!

الاثنين، يناير 12، 2015

النصر هو

في هذه الليالي الشاتية، حاول أن تنتصر على نفسك، توضأ وصل الفجر في جماعة .. ستشعر في كل خطوة إلى المسجد وأنت تسبح وتستغفر أنك ذاهب إلى الله..1436