السبت، يونيو 14، 2008

رعاية الصداقة د.عبد الكريم بكار



رعاية الصداقة

الإخوة الكرام ، الأخوات الكريمات ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأرجو الله أن تكونوا على أحسن حال وبعد : نحن في هذه الحياة نحتاج إلى من تربطنا بهم علاقة تسمو على المصالح والمنافع ، بحاجة إلى من نبث إليهم همومنا وشجوننا ، وإلى من نأنس بهم ، ونتمتع بمسامرتهم ولطفهم ومشاعرهم الدافئة، نحن في هذه الحياة في حاجة إلى من يقدمون لنا النصح والمشورة ، ويطلعوننا على عيوبنا ونقائصنا ، نحن في حاجة إلى من يتحمل أخطاءنا وهفواتنا ، باختصار نحن في حاجة إلى من نستكمل به معاني إنسانيتنا، ونعيش بمساعدته حياة سعيدة وآمنة . إنه الصديق والأخ في الله الذي تحدثت عنه كل الثقافات ووصفته كل الأمم . الصداقة أيها الإخوة والأخوات ، أخذ وعطاء ، وعلى مقدار ما نعطي نأخذ ، ولا يمكن للصداقة أن تستقيم من غير تضحية ، أي إنها تحتاج إلى فائض من الصبر والكرم واللطف ، نقوم باستثماره فيها . وقد أعجبتني النصيحة الثمينة التي قدمها الإمام الكبير محمد بن إدريس الشافعي إلى يونس بن عبد الأعلى في التعامل مع الصديق حيث قال : (( يا يونس إذا بلغك من صديق لك ما تكرهه فإياك أن تبادره بالعداوة وقطع الولاية ، فتكون ممن أزال يقينه بشك ، ولكن القه وقل له : بلغني عنك كذا وكذا وإياك أن تسمًي له المبلِغ فإن أنكر ذلك ، فقل له : أنت أصدق وأبر ، لا تزيدن على ذلك شيئاً، وإن اعترف بذلك ،فرأيت له في ذلك وجهاً بعذر فاقبل منه وإن لم تر ذلك فقل له : ماذا أردت بما بلغني عنك ، فإن ذكر ماله وجه من العذر فاقبل منه ، وإن لم تر لذلك وجهاً لعذر وضاق عليك المسلك فحينئذ أثبتها عليه سيئة ، ثم أنت بعد ذلك بالخيار ، إن شئت كافأته بمثله من غير زيادة ، وإن شئت عفوت عنه ، والعفو أقرب للتقوى، وأبلغ في الكرم لقول الله ـ تعالى ـ : (( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله )) فإن نازعتك نفسك بالمكافأة ـ أي مقابلة السيئة بمثلها ـ ففكر فيما سبق له لديك من الإحسان فعدها ثم اندر ـ أي أسقط ـ له إحساناً بهذه السيئة ’ ولا تبخس باقي إحسانه السابق بهذه السيئة ، فإن ذلك هو الظلم بعينه , يا يونس إذا كان لك صديق فشد يديك به ـ أي حافظ عليه ـ فإن اتخاذ الصديق صعب وفراقه سهل . هذه النصيحة الغالية والعظيمة لو عملنا ببعضها لما خسرنا الكثير من الصداقات . والأصدقاء بعد ذلك درجات ، والواحد منا في حاجة إلى صديقين أو ثلاثة من الدرجة الأولى وعشرة من الدرجة الثانية وعشرين من الدرجة الثالثة ، وعدد كبير من المعارف الذين يبادلهم التحية والدعاء . وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليست هناك تعليقات: